محمد فوزي يكتب: قصة حياتي

 

نشرت مجلة الكواكب مقالاً للفنان محمد فوزي بعنوان “قصة حياتي”، وقد جاء نص المقال كالتالي:

لقد غنيت فى فصول المدرسة، وفى القطارات، وفى ملاعب الكرة، وفى الأسواق و الموالد، وفى الأفراح والليالي الملاح.. كان كل ما أريده من الدنيا أن أغني، وقد تحققت معي هذه الأمنية وأمنيات أخرى.

أمنيات أخرى

ولدت فى طنطا عام 1932، والتحقت بالمدرسة الابتدائية وأنا فى السابعة من عمري.

ولم أكن مثل سائر أقراني أحب اللعب، بل كنت أحبه الغناء، ثم وجدت أن لعبة كرة القدم تحقق شهرة للاعبيها فتعلمت الكرة وفى عام واحوأستطعت أن أكون أحد أفراد فريق المدرسة، وكان لانضمامي لفرقة المدرسة ميزة أخرى غير الشهرة هى الرحلات.

فقد كنا نذهب إلى شبين الكوم والمنصورة والى القاهرة وغيرها من المدن.

وكنت أحفظ كل أسطوانات عبدالوهاب وكل أسطوانات أم كلثوم ولا تكاد نركب القطار حتى انطلق فى الغناء، ولا أنتهي منه إلا عندما يقف القطار ونبدأ ( الماتش).

الواقع أنني قلبت فرقة كرة القدم إلى فرقة طرب أنا مغنيها واللاعبون كورس فيها.

وذاع صيتى فى المدرسة وشفع لي الغناء فكان وسيلتى للافلات من عقاب أستاذى التاريخ والجغرافيا.

أستاذ من المطافئ

وبدأت أفكر جديا فى أن أتعلم الموسيقى وأن أكون مغنيا وفقا للقواعد والأصول.

ولم يكن فى طنطا من الموسيقين الا فرقة المطافئ الموسيقية فتعلمت على يد أحدهم النونة والعزف على العود.

وحصلت على الشهادة الابتدائية، فذهبت إلى المدرسة الثانوية وكان صينى كمطرب قد ذاع فى كل طنطا..وكنت انقل رائعة القصائد من دوواين الشعر ومن الصحف وأضع لها ألحانا كانت فى ذلك الوقت رائعة فى نظرى وحدث فى تلك الفترة حدث هام اضفى على اسمى شهرة بربقا فقد اقامت مدرسة شبين الكوم الثانوية حفلتها السنوية.

وأرسل ناظرها يستدعينى لأغني فى الحفلة، وسمعت كل طنطا بهذا لنبا، فأصبحت بعدها مطرب طنطا الشهير وكانت الصدمة الأولى فى حياتى حين مات أبى قبل أن أحصل على الكفاءة وأحسست بعدها أنني مسئول عن نفسى فحصلت على الكفاءة، وبدأت أفكر فى مستقبلي الفني

زائرين من القاهرة

وقد زار طنطا فى تلك الأثناء الأستاذ مصطفى العقاد ابن الأستاذ محمد العقاد القانوني القديم، وكان يعمل ضابط ايقاع فى معهد الموسيقى و قابلته فى إحدى الحفلات التى غنيت فيها فى طنطا، وأعجب بى إعجابا شديدا، و رحنا نتكلم عن الفن والموسيقى والغد وما يطويه لى.

وقلت للأستاذ العقاد أننى أريد أن ألتحق بمعهد الموسيقى، فوافقنى على رغبتي، ووعدني بأن يبذل كل جهد ليساعدنى فى الالتحاق بالمعهد وقد نجحت فى الامتحان الذى أستلزم أن أنتقل إلى القاهرة وعدت إلى طنطا وقابلنى أمى عند باب بيتنا فقلت لها: (أنا هادخل مدرسة علشان أتعلم الغناء وولولت أمي وراحت تبكي.

و عبثا رحت أقنعها بأن المستقبل الذى أخترته هو المستقبل الوحيد الذى أرضاه، وجندت أمى كل أقاربنا وكل أصدقائي لبثنونى عن عزمى، ولأبحث عن وظيفة وأبقى بجوارها فى طنطا ولكني رفضت وعدت إلى القاهرة ومعى خمس جنيهات فقط لا غير.

وأمكنني بعد جهد العثور على حجرة مفروشة بحصير وعلى الحصير مرتبة غير ذات لحاف ونفذت النقود فأرسلت لأمي ورق قلبها فبدأت ترسل لي سبعة جنيهات فى كل شهر، وبدأت أعرف فى القاهرة.

و ابتسم لي الحظ عندما وقعت عقدا مع بديعة مصابنى، وبدأت أعمل معها فى وقت كانت ضائقتي المالية قد بلغت أشدها، حتى أننى كنت أتناول الثلاث وجبات اليومية كنافة و كنافة فقط، لأن بائع الكنافة الذى يقع دكانه فى شارعنا كان الإنسان الوحيد الذى استطعت أن أكسب ثقته.

وبدأت أعمل على تسديد ديوني، وعندما يحس الإنسان بالشبع يبدأ فى التفكير فى تحقيق المزيد من الأحلام.

فكرت فى أن أكون فرقة كبيرة أطوف بها بلدان القطر
وكان فى فرقة بديعة فنانة أحبتني وقد كان الحب ممنوعا علينا، كان محظورا على الفنان أن يحب ميلته فى الغرفة، فالشغل شغل، هذا هو دستور بديعة، ومن يخالفه يطرد.

وقد حاولت أن أتجاهل حبها ولكن هذا التجاهل لم يدم إلا لأيام فقد وجدتني أبادلها حبا بحب.

ونقل العواذل الخبر إلى بديعة وذهب فراش المسرح إلى الفنانة التى أحببتها وقال لها :”الست بتقولك متجيش هنا تانى “.

وتوقعت أن يجئ الفراش ويقول لي نفس العبارة، لكنه لم يفعل، وأدركت لماذا فعلت بديعة هذا، فعلته لأنني كنت مطرب الغرفة الوحيد، وكان من سوء التصرف أن تستغني عنى.

ولكني تضامنا مع حبيبتى التى قطع عيشها من أجلى خرجت من عند بديعة وبدأت على الفور أكون فرقة فنية من راقصات ومنلوجست وممثلين يقدمون اسكتشات كوميدية، وبدأت أطوف البلاد و أنتقل من نجاح إلى نجاح.

وقابلت صديق الطفولة الأستاذ عبد العليم خطاب ذات يوم وكان هو الآخر قد أحب التمثيل وعمل مساعدا للإخراج للأستاذ يوسف وهبي.

قال لى أنه كان يبحث عني لأنه أعد لى دورا فى فيلم “سيف الجلاد ”

وقبلت الدور على الفور، و لحنت بعض الأغنيات و تقاضيت ثمانين جنيها مقابل التمثيل ومقابل التلحين، وكنت أسعد إنسان فى الدنيا بهذا المبلغ الذى كان بمثابة “استفتاح” و الاستفتاح عند البائع أربح صفقة، وأحببت السينما.

أحببت الكاميرا و البلاتوه وأحببت المخرج ومساعد المخرج الذى يقوم بدور المخفف لمصيبة المخرج، وأحببت الأبطال وأحببت الكومبارس، وأحببت كل شئ عن السينما.

وفى الليلة الأولى التى عرض فيها فيلم “سيف الجلاد” كان فى قلبي فرح.

وقد دعوت كل أصدقائي ليروا كيف أصبحت ونظر لي الأستاذ يوسف وهبي فى أثناء عرض الفيلم ثم قال: ” فاكر ريقك يافوى “فضحك وقلت له” أيوه فاكر !”.

أما قصة ريقى فهى أننى كنت كلما قلت عبارة من عبارات الحوار بلعت ريقي بعدها، وكان سوف يقول دائما يا اخى أنت ريقك حاضر إنما نشفت ريقنا معاك !.

الفيلم الثاني

كان الفيلم الثاني الذى مثلت فيه هو فيلم “قبلة فى لبنان” الذى انتجة اتحاد المنتجين، وبعد ذلك قمت بدور البطولة فى فيلم “أصحاب السعادة ” الذى أخرجه محمد كريم لحساب استوديو مصر.

وعلمت أثناء عملي مع كريم أن أستوديو توجومزراجى الذى كان اتحاد المنتجين قد استأجره قد أصبح خاليا ففكرت فى أن أنتج فيلما.

وعرضت الفكرة على حلمي رفلة ط، وكان فى ذلك الوقت ماكيير مصر الأول، فوافقني على الفكرة وقال أنه على استعداد لإخراجه.

وعندما انتهيت من فيلم “أصحاب السعادة ” كنت قد انتهيت من إعداد كل ما يلم لفيلمي، وكان فيلم ” العقل فى إجازة ” الذى نجح نجاحا كبيرا، والذى كان له الفضل فى إظهار الفنانة المطربة شادية، و كان الخطوة الكبرى.

 

 

 

اقرأ أيضاً..أمينة شريف تكتب: غباء مشكور

سبب تسمية مقابر الخليفة.. اعرف الحكاية