طه حسين وسوزان بريسو: قصة حب خارقة خلدها التاريخ

سرد الكاتب محمد رفعت دسوقي في كتابه “أقاصيص العشق” التفاصيل الكاملة لقصة الحب التي جمعت ما بين الأديب طه حسين، وزوجته الفرنسية سوزان بريسو، وكانت القصة تحت عنوان “طه حسين وسوزان: بدونك أشعر أني أعمى حقا”.

قصة حب طه حسين وسوزان

ذكر الكاتب محمد رفعت أنه قد تعرف الدكتور طه حسين على السيدة سوزان عندما كانت تقرأ مقطعا من شعر( راسين) فأحب نغمات صوتها وعشق طريقة إلقائها وتعلق قلبه بهذا الطائر الأجنبي الذي حط في أعماق قلبه الحزين متذكرا قول (بشار ابن برد) والأذن تعشق قبل العين أحيانا.

و أضاف، لقد كان حب عميد الأدب العربي لهذه الفتاة الفرنسية بمثابة التزاوج الروحي بين ضفتي المتوسط، ومحاكاة حضارة الشرق مع الغرب.

زواج طه حسين وسوزان

كما أشار إلى هذا الحب الكاتب الفرنسي الكبير( روبيرتل )، حيث قال، وذات يوم بينما( طه حسين) في مقعده في قاعة المحاضرات في (جامعة السربون) سمع صوتا جميلا يرن في أذنيه صوت صبية حنون تقول له بعذوبة إني أستطيع أن أساعدك في استذكار الدروس، وكانت صاحبة الصوت ما هي إلا سوزان الطالبة الفرنسية المنحدرة من عائلة( كاثوليكية).

وقد ظلت مترددة فترة طويلة قبل أن توافق على الزواج من طه حسين الرجل المسلم وذلك بعد أن استطاع أحد أعمامها أن يقنعها، وكان ذلك العم قسيسا، وقد قال لها مع هذا الرجل يمكن أن تثقي به بأنه سيظل معك إلى الأبد وسوف تسعدي أبدا.

فتزوجته في التاسعة من أغسطس عام 1917 وفعلا ربما تعيش المرأة مع رجل أعمى أحبها بقلبه قبل أن يراها بعينيه أجمل وأسعد أيامها بدلا من أن تتزوج رجل لديه عينين يرى بهما كل نساء الدنيا في قلبه لتلك وتتعلق روحه بأخرى، فكيف وهي تتزوج من دكتور وأديب رجل لديه الإصرار على قهر الإعاقة التي ولدت لتكون سببا في دخوله التاريخ الأدبي من أوسع أبوابه.

تأثير سوزان في حياة طه حسين

وتابع، ولأن السيدة سوزان كان لها الأثر العظيم في حياته بعد ذلك فقد قال (الدكتور طه حسين) عن يوم لقائه بها كأنه تلك الشمس التي أقبلت في ذلك اليوم من أيام الربيع فجلت عن المدينة ما كان قد أطبق عليه من ذلك السحاب الذي كان بعضه يركب بعضا والذي كان يعصف و يقصف حتى ملأ المدينة أو كاد يملؤها اشفاقا وروعا وإذا المدينة تصبح كلها إشراقا ونورا.

وذكر، هذا الشاب الذي جاء من قريته فقيرا كان يتناثر الأكل على ملابسه عندما كان يأكل وكان لا يعرف كيف يعتني به فجاءت سوزان التي غيرت حياته كاملة وأصبح ممتنا لها، حتى عندما كانت نائمة، أشار إليها وقال لابنته، إن هذه المرأة جعلت من أبيك إنسانا آخر.

طه حسين يعاني من الاكتئاب

وأكمل، تقول سوزان في كتابها بأن طه حسين كان يعاني من نوبات كآبه فعندما تأتي هذه النوبات ينعزل ولا يقابل أحد ولا يتكلم ولا يأكل وكانت زوجته تعرف بحكم معرفتها من بلدها بأن هذا يسمى اكتئابا لأنها خشيت من أن طه أن يعالج من هذا الاكتئاب حتى لا تجرحه، حيث كان شديد الحساسية بسبب إعاقته البصرية فلم ترد أن يزيد الأمر عليه.

كانت تقول بأن نوبات الاكتئاب أو كما كانت تصفه فيها بأنه يسقط في بئر عميق لا يستطيع أحد الوصول إليه إذ يعتزل العالم ولا يعود يرغب في أي شيء مهما كان حتى أبنائه رغم حبه الجارف لهم كان تجنبهم ويعيش عزلة تامة منقطعا عن كل ما حوله.

وتقول زوجته بأنه لو كان هناك شيء يساعده على أن يتخلص من هذه النوبات فلا شك بأن إنتاجه سوف يكون أفضل، وأكثر.

كتابات طه وسوزان لبعضهما

وتابع، ذات مرة كتب طه حسين إلى زوجته سوزان يقول بدونك أشعر أني أعمى حقا، أما وأنا معك فإني أتوصل إلى شعور بكل شيء وإني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط به، وعندما رحل هو عن العالم كتبت هي تقول، زراعي لن تمسك بذراعك أبدا ويدي تبدوان لي بلا فائدة بشكل محزن فأغرق في اليأس.

أريد عبر عيني المختضبتين بالدموع حيث يقاس مدى الحب وأمام الهاوية المظلمة حيث يتأرجح كل شيء أريد أن أرى تحت جفينك الذين بقي محلقين ابتسامتك المبهمة الباسلة ،أريد أن أرى من جديد ابتسامتك الرائعة.