الشيخ أشرف يكتب: الميراث والمعرفة والسلوك

إن المتأمل فى أحوال الناس وأفعالهم فى المجتمعات والأفراد، وفى التصرفات المختلفة، بجد أن هذه الأفعال وهذا السلوك، إنما ينبثق من منظومة معرفية، ومنظومة أخلاقية خارجة من رحم هذه المنظومة، ولا يمكن الفصل بين المنظومة المعرفية والسلوك، إذ الفصل بينها يجعل هذه الأفعال غير مقيدة بقيد، ولا يمكن استقراء ما يمكن أن تفعله المجتمعات فى حياتها.
والفصل بين المنظومة المعرفية فى الحياة الواقعية، يدخلنا فى متاهة لا يمكن الخروج منها، ولا يمكن معها علاج بعض المشكلات التى تعرض، أو التى يمكن أن تعرض،
فالمنظومة المعرفية التى فرضتها المسيحية على أتباعها، فى الفهم وفى السلوك واضحة لمن تأملها فى اتباع هذه الديانة، وكذلك المنظومة المعرفية التى فرضتها التعاليم اليهودية وأسفار العهد القديم، كذلك مفيدة فى تصور الأفعال التى تنبثق عنها أفعال اليهود، سواء كانت أخلاقية أو سلوكية.
والمنظومة المعرفية فى كل فلسفة من الفلسفات تحكم وتتحكم فى سلوك واخلاق وتصرفات المؤمنين بها.
كذلك المنظومة المعرفية المنبثقة من تعاليم الإسلام، من خلال القرآن والسنة والتفسيرات المختلفة لهما، تظهر فى سلوك وأفعال وأخلاق المسلمين فى معناها العام، ويختلف الفعل والسلوك والأخلاق، باختلاف التمسك بهذه المنظومة قوة وضعفا.
فقراءة الواقع على هذه الطريقة يخدم المهتمين بالشأن العام والفلسفات المختلفة
وقد كان لكثير من أصحاب الرؤى والمفكرين توقعات سبقوا بها عصرها، تنبأوا عما سيكون من أخلاق فئة من الفئات، أو فصيل من الفصائل، فى عصر من العصور حال وصول هذه الثقافة إلى مدى معين.
ويظل التمسك بالمصدر ومدى قوته هو العامل الأبرز فى حياته أو موته، ونحن نعتقد أن هم مصدر وأصق مصدر والأبقى على الإطلاق، ذلك المصدر المحفوظ من عند الله تعالى، مصاقا لقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وبهذا نعلم يقينا أن بقاء هذا الدين واستمراريته وتمكنه وبلوغه أقصى الأرض تصديقا لوعده صلى الله عليه وسلم ( ولن يترك هذا الدين بيت وبر ولا مدر إلا دخله ) والله المستعان وعليه التكلان.