” الحيدة والاعتذار”.. كتاب يتحث عن قضية خلق القرآن

كتب الإمام عبدالعزيز بن يحيى الكنانى المكى مولدا المتوفى 240 هـ، وهو من علماء القرن الثالث الهجرى كتاب الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن، وهو كتاب في العقيدة الإسلامية.

يتناول كتاب الحيدة والاعتذار موضوع خلق القرآن، وهو أحد أهم المسائل العقدية في الإسلام، وهو موضوع كان له الأثر الأكبر في الفكر الإسلامى، وشغل العالم اِلإسلامى كله خصوصا وأن الخلافة بنفسها دخلت فيه وكانت تتبنى هذا القول.

ويرى الإمام الكناني أن القرآن كلام الله تعالى، وأنه غير مخلوق، هو معتقد أهل السنة، وهو الحق، وقد استدل الكنانى رحمه الله على ذلك بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما رد على شبهات المعتزلة الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأصل الخلل فى الفكر المعتزلى أنه قدم العقل على النقل وكانت بضاعتهم فى السنة قليلة جدا مع إنزالهم للعقل منزلة النص، وما لم يفهموه بعقولهم ردوه لم يلتمسوا أقوال أهل الحق فى الفهم.

يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة يتحدث فيها عن أهمية موضوع خلق القرآن، ويذكر بعض الآراء التي قيلت في هذا الموضوع،ويذكر المؤلف أن القول بخلق القرآن هو قول المعتزلة،وأن القول بأن القرآن غير مخلوق هو قول أهل السنة والجماعة،وعلى رأسهم إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل، ويبين الكنانى أنه ألقى بنفسه فى مظنة الهلكة،وكيف أنه حمل روحه على كفه حتى يواجه الخليفة المأمون وكان يغلب على ظنه أنه مقتول بتمسكه بمخالفة الخليفة، لكنه أراد أن يعذر إلى الله خصوصا بعد غلق كل الأبواب فيما يخالف قول المعتزلة.
ويتناول صفة الكلام لله عز وجل من خلال القرآن والسنة النبوية الصحيحة، ويقيم الحجج على ذلك بكل طريق، ويحرج المعتزلة أمام الخليفة.

ويرد المؤلف على شبهات المعتزلة الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وفى هذا الرد يبين عن علم غزير بالمنقول والمعقول، ويفضح المعتزلة في أصل مأخذهم وهو العقل.

كذلك يتحدث عن مخاطر هذا القول وما يؤل إليه القول بخلق القرآ، وأن القرآن تكلم به الله، كما كلم الله تعالى موسى عليه السلام بكلام يليق بذاته سبحانه وتعالى، ويفرق بين الخلق والمخلوق، وأن القول بعدم كلام الله تعالى فيه تكذيب للقرآن، إذ أخبر الله تعالى عن نفسه أن يتكلم بكلام يليق بجلاله.

ويعد كتاب الحيدة والاعتذار من أهم الكتب التي ألفت في موضوع خلق القرآن. وقد حظي الكتاب باهتمام العلماء والمفكرين المسلمين، وقد اعتمده العديد من علماء العقيدة في كتبهم.

ويتميز الكتاب بأسلوبه العلمي الدقيق، كما يتميز بغزارة علم المؤلف وقوة حججه، وفهمه الواسع للقرآن مع حضورالحجة والدليل فى كل ما يتكلم به من خلال القرآن،والناظر فى الكتاب يعجب من حضور ذهن المؤلف، واستحضاره للأدلة.